الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.رجوع المهدي إلى ملكه بقرطبة. ولما استولى المستعين علي قرطبة خالفه محمد بن هشام المهدي إلى طليطلة واستجاش بابن أدفونش ثانية فنهض معه إلى قرطبة وهزم المستعين والبرابرة بعقبة البقر من ظاهرها في اخر باب سبتة ودخل المهدي قرطبة وملكها..هزيمة المهدي وبيعته للمؤيد هشام ومقتله. ولما دخل المهدي إلى قرطبة خرج المستعين إلى البرابرة وتفرقوا فى البسائط والقرى فينهبون ويقتلون ولا يبقون علي احد ثم ارتحلوا إلى الجزيرة الخضراء فخرج المهدي وابن أدفونش واتبعهم المستعين والبرابرة أثناء ذلك يحاصرونهم حتى خشي الناس من اقتحام البرابرة عليهم فأغروا أهل القصر وحاجبه المدبر بالمهدي وأن الفتنة إنما جاءت من قبله وتولى كبر ذلك واضح العامري فقتلوا المهدي محمد بن هشام واجتمعت الكافة علي تجديد البيعة لهشام المؤيد ليعتصموا به من معرة البرابرة وما يسومونهم به ملوكهم من سوء العذاب وعاد هشام إلى خلافته وأقام واضح العامري لحجابته وهو من موالي المنصور بن أبي عامر..حصار قرطبة واقتحامها عنوة ومقتل هشام. واستمر البرابرة علي حصار قرطبة والمستعين بينهم ولم يفر عن أهل قرطبة تبعه هشام المؤيد والبرابرة يترددون إليها ذاهبين وجائين بأنواع النهب والفتك إلى أن هلكت القرى والبسائط وعدمت المرافق وصافت أحوال أهل قرطبة وجهدهم الحصار وبعث المستعين والبرابرة إلى ابن أدفونش يستقدمونه لمظاهرتهم فبعث إليه هشام المؤيد وحاجبه واضحا يكفونه عن ذلك بأن نزلوا له عن ثغور قشتالة التي كان المنصور اقتحمها فسكن عزمه وسكن عن مظاهرتهم ثم اتصل الحصار بمخنق البلد وصدق البرابرة القتال فاقتحموها عنوة سنة ثلاث وأربعمائة وفتكوا بهشام المؤيد ودخل المستعين ولحق بأهل قرطبة من البرابرة في نسائهم ورجالهم وبناتهم وأبنائهم ومنازلهم وظن المستعين أن قد استحكم أمره وتوثبت البرابرة والعبيد علي الأعمال فولوا المدن العظيمة وتقلدوا الأعمال الواسعة مثل باديس بن حبوس في غرناطة ومحمد بن عبد الله البرزالي في قرمونة وأبو ثور بن أبي شبل بالأندلس وصار الملك طوائف في آخرين من أهل الدولة مثل ابن عباد بإشبيلية وابن الأفطس ببطليوس وابن ذي النون بطليطلة وابن أبى عامر ببلنسية ومرسية وابن هود بسرقسطة ومحاهد العامري بدانية والجزائر منذ عهد هذه الفتنة كما نذكر في أخبارهم..ثورة ابن حمود واستيلاؤه وقومه علي ملك قرطبة. ولما افترق شمل جماعة قرطبة وتغلب البرابرة علي الأمر وكان علي بن حمود وأخوه قاسم من عقب إدريس قد أجازوا معهم من العدوة فدعوا لأنفسهم وتعصب معهم الكثير من البربر وملكوا قرطبة سنة سبع وأربعمائة وقتلوا المستعين ومحوا ملك بني أمية واتصل ذلك في خلق منهم سبع سنين ثم رجع الملك في بني أمية وفي ولد الناصر نحوا من سبع سنين ثم خرج عنهم وافترق الأمر في رؤساء الدولة من العرب والموالي والبربر واقتسموا الأندلس ممالك ودولا وتلقبوا بألقاب الخلفاء كما نذكر ذلك كله مستوفى في أخبارهم..عود الملك إلى بني أمية وأولاد المستظهر. لما قطع أهل قرطبة دعوة المحموديين بعد سبع من ملكهم وزحف إليهم قاسم بن حمود في جموع من البربر فهزمهم أهل قرطبة ثم اجتمعوا واتفقوا علي رد الأمر إلى بني أمية واختاروا لذلك عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار أخا المهدي وبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة ولقبوه المستظهر وقام بأمره المستكفي ثم ثار على المستظهر لشهرين من خلافته محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر أمير المؤمنين كان المنصور بن أبي عامر قتل أباه عبد الرحمن لسعيه في الخلاف فثار الآن محمد هذا وتبعه الغوغاء وفتك بالمستظهر واستقل بأمر قرطبة وتلقب بالمستكفي.
|